فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال القاسمي:

{كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} أي: يظفروا بكم بعد ما سبق لهم من تأكيد الإيمان والمواثيق {لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلًا} أي: قرابة ويمينًا {وَلاَ ذِمَّةً} أي: عهدًا.
وهذه الجملة مردودة على الآية الأولى، أي: كيف يكون لهم عهد، وحالهم ما ذكر؟ وفيه تحريض للمؤمنين على التبرء منهم، لأن من كان أسير الفرصة، مترقيًا لها، لا يرجى منه دوام العهد.
قال الناصر: ولما طال الكلام باستثناء الباقين على العهد، أعيدت كيف تطرية للذكر، وليأخذ بعض الكلام بحجزة بعض. انتهى.
ثم استأنف تعالى بيان حالهم المنافية لثباتهم على العهد بقوله: {يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ} أي: ما تتفوه به أفواههم {وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} أي: متمردون، لا عقيدة تزعمهم، ولا مروءة تردعهم.
وتخصيص الأكثر، لما في بعض الكفرة من التفادي عن العذر، والتعفف عما يجرّ إلى أحدوثة السوء. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلًا وَلاَ ذِمَّةً}.
و{كيف} هذه مؤكدة لـ {كيف} [التوبة: 7] التي في الآية قبلها، فهي معترضة بين الجملتين وجملة: {وإن يظهروا عليكم} إلخ يجوز أن تكون جملة حالية، والواو للحال ويجوز أن يكون معطوفة على جملة {كيف يكون للمشركين عهد} [التوبة: 7] إخبارًا عن دخائلهم.
وفي إعادة الاستفهام إشعار بأنّ جملة الحال لها مزيد تعلّق بتوجّه الإنكار على دوام العهد للمشركين، حتّى كأنّها مستقلّة بالإنكار، لا مجرّدُ قيد للأمر الذي توجّه إليه الإنكار ابتداء، فيؤول المعنى الحاصل من هذا النظم إلى إنكار دوام العهد مع المشركين في ذاته، ابتداء، لأنّهم ليسوا أهلًا لذلك، وإلى إنكار دوامه بالخصوص في هذه الحالة.
وهي حالة ما يبطنونه من نية الغدر إن ظهروا على المسلمين، ممّا قامت عليه القرائن والأمارات، كما فعلت هوازن عقب فتح مكة.
فجملة: {وإن يظهروا عليكم} معطوفة على جملة {كيف يكون للمشركين عهد} [التوبة: 7].
وضمير {يظهروا} عائد إلى المشركين في قوله: {كيف يكون للمشركين عهد عند الله} [التوبة: 7] ومعنى {وإن يظهروا} إن ينتصروا.
وتقدّم بيان هذا الفعل آنفًا عند قوله تعالى: {ولم يظاهروا عليكم أحدا} [التوبة: 4].
والمعنى: لو انتصر المشركون، بعد ضعفهم، وبعد أن جرّبوا من العهد معكم أنّه كان سببًا في قوتكم، لنقضوا العهد.
وضمير {عليكم} خطاب للمؤمنين.
ومعنى {لا يرقبوا} لا يوفوا ولا يراعوا، يقال: رقَب الشيء، إذا نظر إليه نظر تعهّد ومراعاة، ومنه سمّي الرقيب، وسمّي المرْقَبَ مكان الحراسة، وقد أطلق هنا على المراعاة والوفاء بالعهد، لأنّ من أبطل العمل بشيء فكأنّه لم يَره وصرف نظره عنه.
والإلّ: الحلف والعهد؛ ويطلق الإلّ على النسب والقرابة.
وقد كانت بين المشركين وبين المسلمين أنساب وقرابات، فيصحّ أن يراد هنا كلا معنييه.
والذمّة ما يمتّ به من الأواصر من صحبة وخلة وجوار ممّا يجب في المروءة أن يحفظ ويحمى، يقال: في ذمّتي كذا، أي ألتزم به وأحفظه.
استئناف ابتدائي، أي هم يقولون لكم ما يرضيكم، كيدًا ولو تمكّنوا منكم لم يرقبوا فيكم إلاّ ولا ذمّة.
من يسمع كلامًا فيأباه.
والإباية: الامتناع من شيء مطلوب وإسناد الإباية إلى القلوب استعارة، فقلوبهم لمّا نوت الغدر شبّهت بمن يطلب منه شيء فيأبى.
وجملة: {وأكثرهم فاسقون} في موضع الحال من واو الجماعة في {يرضونكم} مقصود منها الذمّ بأن أكثرهم موصوف، مع ذلك، بالخروج عن مهيع المروءة والرُّجلة، إذ نجد أكثرهم خالعين زمام الحياة، فجمعوا المذمة الدينية والمذمّة العرفية.
فالفسق هنا الخروج عن الكمال العرفي بين الناس، وليس المراد الخروج عن مهيع الدين لأنّ ذلك وصف لجميعهم لا لأكثرهم، ولأنّه قد عرف من وصفهم بالكفر. اهـ.

.قال الشعراوي:

{كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8)}
نلاحظ هنا أن الحق سبحانه وتعالى لم يقل كيف يكون للمشركين عهد، بل اكتفى بـ {كيف}، لأن غدرهم صار معروفا، وكانت {كيف} الأولى استفهاما عن أمر مضى. والتساؤل هنا يوضح لنا أنهم سيخونون العهد دائما، كما فعلوا في الماضي، فكأن الذي يخبر في الماضي يخبر عن المستقبل ويعلم ما يكون منهم. ويتابع المولى سبحانه وتعالى قوله: {وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ} [التوبة: 8].
ومعنى {يظهروا}، أي يتمكنوا منكم، وهم إن تمكنوا من المؤمنين لا يرقبون فيهم إلاّ ولا ذمّة، ويرقب من الرقيب الذي يراقب الأشياء. إذن فهم لا يراقبون بمعنى لا يراعون، أي أنهم لو تمكنوا من المؤمنين لا يراعون ذمة ولا عهدا ولا ميثاقا، بل يستبيحون كل شيء. وهذا إخبار من الحق سبحانه وتعالى عما في نفوس هؤلاء الكفار من حقد على المؤمنين.
ونلاحظ أن كلمة يرقبون غير ينظرون، وغير يبصرون، وهي أيضا غير يلمحون وغير يرمقون، مع أنها كلها تؤدي معنى الرؤية بالعين، ولكن يرقب تعني يتأمل ويتفحص باهتمام حتى لا تفوته حركة، لذلك إذا قلنا: إن فلانا يراقب فلانًا، أي لا تفوته حركة من حركاته وهو ينظر لكل حركة تصدر منه. أما كلمة نظر فتعني رأى بجميع عينيه، وكلمة لمح تعني رأى بمؤخر عينيه، رمق أي رأى من أعلى.
وقوله سبحانه وتعالى: {لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلًا وَلاَ ذِمَّةً} يعني لا يراعون فيكم عهدًا، ولا يمنع الواحد منهم وازع من أن يفعل أي شيء مهما كان قبيحا؛ والمثال: أن يرفع الرجل القوي يده ليضرب طفلًا صغيرًا لا يتحمل ضربته، هنا يمسك أحدهم بيده ويطلب منه أن يراعي أن الطفل صغير لا يتحمل ضربته، وأنه ابن فلان قريبه، وأنهم جيران؛ فلا يراعي هذا كله، وإنما ينهال على الطفل ضربًا.
وقوله سبحانه وتعالى: {إلًّا} هي في الأصل اللمعان أي البريق، و{إلًّا} أيضًا هي الصوت العالي، واللمعان والصوت العالي لافتان لوسائل الإعلام الحسّية، وهي الأذن والعين، والإنسان إذا عاهد عهدًا فهذا العهد يصبح أمرًا واضحًا أمامه يلفت عيونه كما يلفتها الشيء اللامع، ويلفت أذنه كما يلفتها الصوت العالي، وسُمي العهد والكلام {إلاّ} لأنه معلوم بالعين والأذن.
هذا هو المعنى اللغوي، لكن المعنى الاصطلاحي لكلمة {إلاّ} هو الغصب، بأن تشد شيئا كأنك تغصبه على عدم الالتصاق بشيء آخر، ولذلك سُمِّي سلخ جلد الشاة غصبًا؛ لأن صاحب المال متمسك بماله تمسك الشاة الحية بجلدها.
وإذا أطُلق الغصب في الفقه لا ينصرف إلى المعنى اللغوي وهو اللمعان والصوت العالي، وللعلماء في هذا المعنى أكثر من رؤية، وكل واحد منهم أخذ لقطة من ال إل وأصله اللمعان، أَلَّ.. يؤلّ.. إِلًا، بمعنى لمع.. يلمع.. لمعًا. وال إل أيضًا هو الصوت العالي، وقال ابن عباس والضحاك رضي الله عنهما: إن {إلاّ} هي القرابة؛ لأن القرابة سبب للتراحم، فأنت يعز عليك أن تخون قريبًا لك؛ لأن القرابة لا تحتاج إلى عهد، وقيل إن {إلاّ} هي العهد.
وقال سيدنا الحسن: إن {إلاّ} هي الجوار وما يوجبه من حقوقه. وقال قتادة: إن {إلاّ} هي الحلف والتحالف. وقال أبو عميرة: إن {إلاّ} هو اليمين أو القسم.
والمعاني كلها تلفتنا إلى وجود نوع من التراحم، بحيث لا تتملك الإنسان القسوة أو انفلات الانفعال، وليجعل الإنسان لنفسه من يقول له: اهدأ إنه جارك أو من قوم بينهم وبين من تعاهون صلة قرابة؛ لأن الذي يجعل الإنسان لا يميل إلى الشر ولا يشتري فيه ساعة يحفزه الأمر؛ هو مراعاة الملابسات كلها، وهكذا يتدخل الحوار، ولكن قد توجد قرابة أو عهد أو قسم أو جوار ليمنع البطش بقسوة، أي إن {إلاّ} هو الأمر الذي يمنع الرد بقسوة على شيء قد يكون وقع خطأ. والمعنى أيضا هو عدم احترام لكل القيم؛ عدم احترام للقرابة أو الجوار أو العهد أو القسم، فإذا تمكن رجل قوي من طفل صغير لم يراع فيه أيا من هذه الأشياء.
ويريد الحق أن نعلم أن المشركين إذا تمكنوا من المؤمنين فهم لا يراعون فيهم قرابة ولا عهدًا ولا حلفًا ولا جوارًا ولا قسمًا ولا أي شيء. إذن فكيف يكون للمشركين عهد؟ وهم إن تمكنوا من المؤمنين لا يراعون فيهم شيئا أبدًا.
ثم يضيف الحق سبحانه وتعالى قوله: {وَلاَ ذِمَّةً} [التوبة: 8].
والذمة هي الوفاء بالأمانة التي ليس عليهما إيصال ولا شهود، فإذا اقترض واحد مبلغًا من شخص آخر إيصالًا عليه بذلك الملبغ، فهذا الإيصال هو الضامن للسداد، وكذلك إن كان هناك شهود فشهادتهم تضمن الحق لصاحبه. ولكن إن لم يكن هناك إيصال ولا شهود، يصبح الأمر موكولًا إلى ذمة المقترض؛ إن شاء هذا المدين اعترف بالقرض، وإن شاء أنكره، وهناك ذمة أخرى هي التي بينك وبين نفسك، والمثال على ذلك قد تعاهد نفسك بأن تعطي فلانًا كل شهر مبلغًا من المال، وهذا أمر ليس فيه عهد مكتوب أو شهود لكنه متروك لذمتك، إن شئت فعلته، وإن شئت لم تفعله. وما في الذمة- إذن- هو شيء إنْ لم تفعله تُفضَح، مثال ذلك: أن تقرر بينك وبين نفسك أن تساعد أسرة ما، وهذا أمر خاضع لإرادتك، فلا عهد يجبرك على ذلك ولا قرابة ولا جوار، لا شيء إلا ذمتك، ولذلك فأنت تراعي الوفاء بما وعدت نفسك به لتحافظ على سمعتك ورؤية الغير لك.
وكذلك أيضًا حين تأخذ دينًا بلا إيصال منك أو شهود عليك، ولكنك تحرص على أن ترده لأنه في ذمتك.
{كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلًا وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وتأبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 8].
وهكذا نعرف أن {كيف} هنا تعجب من أن يكون للمشركين الآن أو في المستقبل عهد لأنهم يحترفون نقض العهود ولو تمكنوا من المؤمنين فهم ينكلون بهم أبشع تنكيل دون مراعاة لأي اعتبار، وقد يقول قائل: إنهم معنا على أحسن ما يكون؛ بشاشة وجه وحسن استقبال إلى آخره، فكيف إذا تمكنوا منا انقلبوا إلى وحوش لا ترحم؟. ونقول: إن الله سبحانه وتعالى يعلم ما يظهر وما يخفي، وقد علم ما يدور في خواطر المؤمنين فرد عليهم حتى لا يترك هذه الأشياء معلقة داخل نفوسهم، ولذلك يريد سبحانه وتعالى على هذا الخاطر: {يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وتأبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 8].
أي أن الله عز وجل ينبه المؤمنين ويحضهم ألا يصدقوا الصورة التي يرونها أمامهم من المشركين؛ لأنها ليست الحقيقة، بل هو خداع ونفاق؛ فهم يقولون القول الحسن، ويقابلونك بوجه بشوش وألفاظ ناعمة، لكن قلوبهم مليئة بالحقد عليكم أيها المسلمون بحيث إذا تمكنوا منكم تظهر مشاعرهم الحقيقية من البغض الشديد والعداوة، ولا يرقبون فيكم إلاّ ولا ذمّة. فإذا قال الله سبحانه وتعالى: {يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ} [التوبة: 8].
فعلى المؤمنين أن يصدقوا ما جاء من الحق، ويكتشفوا أن اللسان الحلو وحسن الاستقبال ليس إلا خداع، من هؤلاء الأعداء، وهو سبحانه بهذا الكشف إنما يعطينا مناعة بألاَّ ننخدع بما نراه على وجوههم؛ فهذا مجرد أمر استقبالي، لا يمثل ماضيًا أو حاضرًا، وحين يبرم سبحانه وتعالى أمرًا استقباليا فهو يخبر به عباده المؤمنين، ولذلك نجده سبحانه وتعالى يرد بنفس الأسلوب على هذه الخواطر والمثال: في قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ المسجد الحرام بَعْدَ عَامِهِمْ هذا} [التوبة: 28].
والبلاغ هنا نهي عن دخول المشركين المسجد الحرام أو اقترابهم منه، ومن الطبعي أن تدور الخواطر هنا في نفوس عدد من المؤمنين الذين يستفيدون من المشركين في مواسم الحج، لأنهم أمة تعيش على اقتصاد الحج، حيث يبيعون السلع لهؤلاء القوم ليكسبوا قوت العام، فإذا ما تم منع المشركين من الحج أو الاقتراب من المسجد الحرام، فمن أين يأتي الرزق الذي يحصلون عليه من البيع لهم؟ ولابد أن يفكر المؤمنون: من أين سنأكل؟. نحن نحضر بضاعتنا وننتظر طوال الموسم حتى الحج؛ فإذا نقص عدد الحجاج فلمن نبيع؟.
فيرد الله سبحانه وتعالى على هذه الخواطر بقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ} [التوبة: 28].
أي لا تخافوا الفقر، لأن الله يعلم ما سوف يحدث، والله هو الغني وعنده مفاتيح كل شيء وسوف يغنيكم من فضله ويفتح لكم باب الرزق مما يعوضكم وزيادة. وهكذا يرد الله سبحانه وتعالى على الخواطر التي تدور في نفس المؤمن ساعة نزول القرآن؛ حتى تطمئن قلوب ونفوس المؤمنين فيقول عز وجل: {يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وتأبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 8].
وفي هذا القول رد على الخواطر التي دارت في نفوس المؤمنين؛ وهم يرون المشركين يستقبلونهم بألفاظ ناعمة ووجوه تملؤها البشاشة، فأوضح لهم الحق سبحانه وتعالى: لا تنخدعوا فما في القلوب عكس ما هو على الوجوه.
وقوله تعالى: {وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 8].
يبين أنهم بعيدون عن المنهج، فالفسق هو الخروج عن الطاعة، وهل الكافر والمنافق له طاعة؟.
نقول: إنك إن نظرت لهؤلاء تجدهم خارجين حتى عن المنهج الذي اتخذوه لأنفسهم؛ فهم لا يلتزمون بمنهج الباطل الذي يعتنقونه، إذن فهم فاسقون حتى في المنهج الذي ينتسبون إليه، فإذا كانوا كذلك مع منهج الباطل، فكيف بهم مع منهج الحق؟.
وقوله تعالى: {وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} يوضح بأنه قد تكون هناك قلة ملتزمة، وهذا احتياط قرآني جميل، كما أنها ردت على السؤال الذي قد يتبادر إلى الذهن أن هؤلاء كافرون- وليس بعد الكفر ذنب- فكيف يقال إنَّهم فاسقون أي عاصون أو خارجون عن الطاعة وهم غير مؤمنين أصلا؟.
نقول: إنهم خارجون حتى عن مناهج الكفر التي اختاروها لأنفسهم، ولذلك يبين الله سبحانه وتعالى وضعهم حين يقول: {اشتروا بِآيَاتِ الله ثَمَنًا قَلِيلًا...}. اهـ.